تعامل سلطة الانقلاب مع الطائرة المفقودة يكشف أزمة أسوأ من الكارثة
تتفق أغلب التحليلات لحالة تضارب التصريحات الذي يسود كل وزارات الحكومة الانقلابية في مصر، على أن مسلسل الكوارث والمآسي في ظل الانقلاب لن يتوقف، بل إن إدارة الأزمة أسوأ من الكارثة.
5 تصريحات متضاربة
فمنذ اللحظة الأولى، كان التضارب واضحا، فالطائرة فقدت خارج المجال الجوي المصري بـ١٠ أميال، وفي الخبر التالي اكتشفنا أنها فقدت “داخل المجال الجوي المصري”، وبلغ الأسى مداه في تضارب آخر، بعدما أعلنت “مصر للطيران”- في بيان منشور على صفحة الشركة على الفيس بوك- بعد ٤ ساعات من الاختفاء، أن طاقم الطائرة أبلغ القوات المسلحة المصرية بـ”رسالة استغاثة”.
وبعد ساعة كاملة، أعلن “المتحدث العسكري” عن أن “القوات المسلحة لم تتلق أي رسائل استغاثة من طاقم الطائرة”، وأضاف أن “ما تداولته شركة مصر للطيران كاذب وغير حقيقي”.
أما التضارب الثالث، اليوم، فكان بإصدار شركة “مصر للطيران” بيانا مجددا، تؤكد فيه “تحطم الطائرة بالكامل في البحر المتوسط”، غير أن شريف “الصايع”، رئيس وزراء الانقلاب، استدرك لاحقا وقال: “لم نتمكن إلى الآن من معرفة تحطم الطائرة أم هي مفقودة فقط”.
رابع التصريحات المتضاربة كان عندما تداولت الصحف خبر “اجتماع عاجل للسيسي ولجنة الأمن القومي لمتابعة الحادث”، وفي الوقت ذاته يعقد وزير الطيران المدني اجتماعا في الواحدة والنصف ظهرا بخصوص الحادث”.
أما التضارب الخامس في تصريحات المسؤولين عن حادث الطائرة، فكان بعدما نقلت وسائل إعلام عن مصدر مسؤول، أن الطائرة المصرية المختفية عانت من عطل فني أصاب أحد محركاتها قبل الاختفاء، إلا أن شركة “مصر للطيران” نفت ذلك، كما نفت أن تكون الطائرة المصرية اختفت لأسباب فنية، مؤكدة أنه لا يوجد معلومات مؤكدة عن أسباب اختفاء الطائرة.
فرنسا والانقلاب
على عكس عنوان الفيلم الشهير ليحيى الفخراني “خرج ولم يعد”، كان الأمر بالنسبة لقائد الانقلاب “السيسي”، الذي دخل منذ الصباح اجتماعا لمجلس الأمن القومي ولم يخرج منه إلى الآن، فاحتل الرئيس الفرنسي الدور كاملا، بداية من متابعة الطائرة المفقودة، إلى مرحلة ما بعد سقوطها وانتشال الضحايا، فقد أعلن فرانسوا أولاند، في الواحدة ظهرا بتوقيت القاهرة، عن أن “الطائرة المصرية تحطمت فوق المتوسط خلال رحلة لها بين باريس والقاهرة”، في الوقت الذي خرج وزير الطيران ليصرح بأنها “طائرة مفقودة”، مطالبا الصحفيين باستخدام هذا المصطلح!.
وكتب الإعلامي حافظ الميرازي، المذيع السابق بالجزيرة الفضائية، ساخرا من بطء التعامل المصري مع الأزمة- عبر حسابه على موقع التغريدات القصيرة “توتير”- أن “الرئيس الفرنسي تحدث لشعبه عن حادث الطائرة المصرية، ووزير الدفاع اليوناني أوضح للصحافة بالثانية والدرجة وقت وإحداثيات سقوطها في أجوائنا.. بس”!.
فيما قال الادعاء الفرنسي، إنه سيفتح تحقيقا في اختفاء طائرة “مصر للطيران”، حتى إن وزير الخارجية الفرنسي أعلن عن أن “الطائرة المصرية سقطت قبل عشرين دقيقة من هبوطها”.
الصحافة الأجنبية تسبقنا
وكشفت الصحف البريطانية- ومنها “ذي غارديان”- عمَّا هو أسوأ من الكارثة، بأن “الطائرة المصرية خاضت رحلتها الخامسة خلال يوم واحد”، كما قالت الإندبندنت إن الطائرة “استعمال خارج” اشترتها شركة مصر للطيران وقد قطعت 48 ألف ساعة طيران!.
وتفصيلا كشفت صحيفة “ذي غارديان” البريطانية عن أن الطائرة المصرية التي سقطت، اليوم الخميس، وقتل جميع ركابها الـ66، كانت تقوم برحلتها الخامسة خلال يوم واحد، مشيرة إلى أنها كانت على ارتفاع 37 ألف قدم، عند اختفائها من على شاشة الرادار”.
وأشارت الصحيفة إلى أن بداية رحلات الطائرة كانت، أمس، من مطار أسمرا الدولي في إريتريا، متجهة إلى مطار القاهرة، في الساعة التاسعة والربع تقريبا بالتوقيت المحلي، ومنه إلى قرطاج في تونس. فيما انطلقت الرحلة الثالثة من تونس متجهة إلى القاهرة، ثم انطلقت إلى مطار “شارل ديغول” في الساعة الثالثة والثلث عصرا، قبل انطلاق رحلتها الأخيرة، وسقوطها.
وما كشفته الصحيفة البريطانية، أكده موقع (Flightradar 24) المتخصص بتعقب الرحلات الجوية، والذي قال إن “الطائرة أكملت رحلات لأسمرة في إرتيريا وقرطاج في تونس، قبل توجهها إلى باريس عن طريق القاهرة”.
اليونان على الخط
ورغم أنه إلى الآن لم يخرج زعيم الانقلاب من “شرنقته” المسماة بمجلس الأمن القومي، إلا أن اليونان كانت على خط الأزمة قبل مصر، بل وسباقة لإعلان ماذا حدث، حيث نشرت وسائل إعلام يونانية مقطع فيديو صوره شهود عيان، يرجح أنه لحظة تحطم الطائرة المصرية، مع أحاديث تداولها الإعلام اليوناني حول أن تكون الطائرة انفجرت في الهواء ولم يظهر أي حطام لها، وبعدها اختفت تماما في الجو.
وأفادت مصادر يونانية بأن السلطات تستوضح رواية ربّان إحدى السفن اليونانية، حول مشاهدته جسما كبيرا يحترق في الجو ويخرج منه دخان كثيف، مرجحا أن تكون الطائرة المصرية.
وقال وزير الدفاع اليوناني: إن “قائد الطائرة المصرية لم يبلغ عن “أية مشكلة” في آخر اتصال له، وقال وزير الدفاع: إن “الصور التي حصلنا عليها تشير إلى أن الطائرة قامت بالانعطافتين عند الساعة 2:38 بتوقيت القاهرة، وبينما كانت على بعد 10 إلى 15 ميلا داخل المجال الجوي المصري”.
وأعلن الجيش اليوناني العثور عليها قرابة سواحل جزيرة كريت، كما أن التلفزيون اليوناني نقل تلك اللقطات والصور لحطام الطائرة، وشوهدت أجزاء لطائرة وسترات نجاة بالبحر في موقع سقوط الطائرة المصرية.