
يا كاشِفَ الهَمِّ إِنَّ الهَمَّ أَضْناني (قصيدة شعرية)
للشاعر: صالح محمّد جرّار
يـــا كــاشِـفَ الـهَـمِّ إِنَّ الـهَـمَّ أَضْـنـاني … أَنْــتَ الـرَّحِـيمُ وإنِّــي عَـبْـدُكَ الـجَانِي
بِــبَـابِ رُحْــمَـاكَ أُلْـقـي كُــلَّ مَـسْـأَلَتِي … مَـنْ ذا سِـوَى الـصَّمَدِ الـحَنَّانِ يَـرْعَاني
قَـدْ جِـئْتُ وَالـذَّنْبُ يَغْشَى كُلَّ جَارِحَةٍ … لـكِـنَـني تــائِـبٌ مِـــنْ سُــوءِ نُـقْـصَانِي
أَلْـقَتْ بِـيَ النَفْسُ مِنْ ضَعْفٍ بِمَحْبِسِهَا … وَزَيَّــنَــت سِـجْـنَـها بـالـبَـهْرَجِ الـفَـانـي
أَنَـــا الـضَّـعِيفُ وَنَــارُ الإِثْــمِ تَـحْـرِقُني … يَـــــا رَحْــمَــةَ الله رُدِّيــهَــا بــإِحْـسَـانِ
تِــلْـكَ الـذُّنُـوبُ مِـيَـاهُ الـعَـفْوِ تَـغْـسِلُهَا … يَـــــا رَحْــمَــةَ الله جُــودِيـهَـا بَــهِـتَّـانِ
أَنْــتَ الـغَـفُورُ وَسِـعْـتَ الـخَلْقَ مَـغفِرَةً … فـــهــل أُرَدُّ بِـــــلا عَــفْــوٍ وَغُــفْــرانِ؟!
فَـــإِنْ عَــفَـوْتَ فَـــذَا مَـــنٌّ وَمَـرْحَـمَـةٌ … وإِنْ جَــزَيْــتَ فَــعَـدْلٌ مِــنْـكَ رَبَّــانِـي
فَــأَنْــتَ أَنْـــتَ إِلـــهُ الــكَـوْنِ مُـبْـدِعُـهُ … فَـمَـنْ سِــوَاكَ يُـجِيرُ الـمُثْقَلَ الـعَاني؟!
لَــكَ الـوُجُـوهُ عَـنَـتْ يَــا رَبِّ خَـاشِـعَةً … وَذِي الــخَـلاَئِـقُ تُــبْـدِي كُـــلَّ إِذْعَـــانِ
وبـاسْمِكَ الـكَوْنُ يَـجْرِي فـي مَـسيرَتِهِ … كُــــلٌ يُــسَـبِّـحُ فــــي سِــــرٍّ وَإِعْـــلاَنِ
هــذي الـسَّـمَاواتُ مَــنْ أَعْـلـى بَـنِـيَّتَهَا … مِــنْ غَـيْـرِ مَــا عَـمَـدٍ تَـبْـدُو وَأَرْكَــانِ؟!
فـانْـظُرْ إِلَـيْهَا فَـهَلْ أَبْـصَرْتَ مِـنْ خَـلَلٍ … جَـــلَّ الإِلـــهُ وَجَــلَّـتْ قُـــدْرَةُ الـبَـانِـي
مَـنْ سَـخَّرَ الـشَّمْسَ وَالأَفْـلاكَ سَـابِحَةً … فــي ذَا الـفَـضَاءِ بِـتَـدْبيرٍ وَحُـسْـبَانِ؟!
وذِي الــنُّـجُـومُ أَطَــلَّـتْ مِـــنْ أكِـنَّـتِـهَا … كَــأَنَّـمَـا وَصْــوَصَــتْ حُــــورٌ لإِنْــسـانِ
فَــمَــنْ حَــبَـاهَـا جَــمَــالاً رَاحَ يُـكْـبِـرُهُ … كُــلُّ الَّـذِيـنَ حُـبُـوا إِحْـسَاسَ إيـمانِ؟!
وَمَـــنْ حَـبَـاهَـا ضِــيَـاءً ظَـــلَّ يَـرْقُـبُـهُ … سَـــارٍ بِـلَـيْـلٍ فَـتَـهْـدِي كُــلَّ حَـيْـرانِ؟!
وَذَا الــهِـلاَلُ كَـطِـفْـلِ الأَهْـــلِ تَـنْـظُـرُهُ … تِـلْـكَ الـعُـيُونُ فَـيَـلْقَى ضَـمَّـةَ الـحَانِي
ورَاحَ يَــكْـبُـرُ حَــتَّــى صَـــارَ مُـكْـتَـمِلاً … بَــــدْراً تَــطـوفُ بِـــهِ أَحْـــلامُ وَلْــهَـانِ
لــكِــنَّــهُ زَمَـــــنٌ يَــمْــضِـي فَــنَـنْـظُـرُهُ … قَـــدْ عَـــادَ يُـشْـبِـهُ عُـرجُـوناً بِـبُـسْتَانِ
سُـبْـحَـانَ خَـالِـقِـهِ أَعْــطَـى لَــنَـا مَـثَـلاً … كَــــيْ لا نُــغَــرَّ بِــعُـمْـرٍ مُــسْـرِعٍ فَـــانِ
وَالأَرْضُ تَجْري فَمَنْ أَرْخَى العِنَانَ لَهَا؟ … وَمَــنْ هَـدَاهَـا لِـسَـيْرٍ هَــزَّ وِجْـدَانـي؟!
فَــــــذَا مَــســيـرٌ يُـغَـشِّـيِـنَـا بِـــأَرْدِيَــةٍ … مِــنَ الـظَّـلامِ فَـيَـطْوِي ثَــوْبَ يَـقْـظَانِ
حَـتَّـى إِذَا الـفَـجْرُ نَـادَى بِـالنِّيَامِ جَـرَى … نَـهْـرُ الـضِّـيَاءِ فَــوَارَى ظُـلْـمَةَ الـجَاني
تَـعَـاقَـبَ الـلَّـيْـلُ فـيـنـا والـنَّـهارُ فَـقُـلْ … سُــبْـحَـانَ مُـجـريـهِمَا فِـيـنَـا بِـمِـيـزانِ
وَسَـخَّرَ الأَرْضَ حَـوْلَ الـشَّمْسِ جَارِيَةً … فــــي كُــــلِّ حَـــوْلٍ فَـتَـأْتِـينا بِــأَلْـوانِ
هَـذا شِـتَاءٌ فَـيُحْيِي الأَرْضَ إِذْ هَـلَكَتْ … وَذَا رَبـــيـــعٌ يُــجَــلّــي كُـــــلَّ فَـــنَّــانِ
والـصَّـيْفُ فـيـهِ ثِـمـارٌ كَــمْ تَـتـيهُ بِـهـا … تِــلْـكَ الــريَـاضُ فَـتُـعـطِينَا بـإحْـسَـانِ
أَمَّـــا الـخَـريفُ فـيـأتي مِـثْـلَ غَـاشِـيَةٍ … تَـطْـوِي الـجَـمَالَ وتُـبْدِي قُـبْحَ عُـرْيَانِ
لــكـنَّـهـا حِــكْـمـةٌ تَــخْـفَـى سَــرائـرُهـا … عَــلـى الـعُـيُـونِ وَعَــيْـنُ اللهِ تَـرْعـانِي
سُـبْحَانَ رَبِّـيَ كـم في الأَرْضِ مِنْ عِبَرٍ … تَـهْـدي الـحَـيارى إِلــى رُشْــدٍ وإيـمـانِ
فَـسَـرِّحِ الـطَّـرْفَ فــي الآفـاقِ مُـتَّعِظاً … وانْـظُرْ إِلـى الـنَّفْسِ تُـعْطى أَيَّ بُـرْهانِ
فـــي كُــلِّ نَـظْـرَةِ عَـيْـنٍ آيَــةٌ هَـتَـفَتْ: … “سُـبْـحَـانَ رَبِّــيَ قَــدْ سَــوَّى بـإِتْـقَانِ”
أَنْــــتَ الــقَـديـرُ ولا تُـعْـيـيكَ مَـسْـأَلَـةٌ … فـاكْـشِـفْ إلــهـيَ عَـنِّـي كُــلَّ أَحْـزانـي
بِـكُلِّ أَسْـمَائِكَ الـحُسْنَى وَقَـدْ عَـظُمَتْ … وبــالــحَــبـيـبِ وآيـــــــاتٍ وَقُـــــــرْآنِ
أَدعــوكَ رَبِّــيَ فَـاغْفَرْ لـي وَقَـدْ كَـثُرَتْ … مِــنِّـيَ الــذُّنُـوبُ وإلا حَـــقَّ خُـسْـراني
وَاكـشِفْ هُـموميَ مِـنْ ضُـرٍّ وَمِنْ حَزَنٍ … وامْــنُــنْ عَــلَــيَّ بِــجَـنَّـاتٍ وَرَيْــحَــانِ
واحْـــفَـــظْ إِلـــهــيَ أَوْلادِي وَأُمَّـــهُــمُ … مِـــنْ كُـــلِّ سُـــوءٍ وَوَفِّـقْـهُمْ لِـشُـكْرانِ
وَآتِـهِـمْ خَـيْـرَ مــا يُـرْضِـيكَ مِـنْ عَـمَلٍ … وامْــنُـنْ عَـلَـيْـهِمْ بِـعِـلْـمٍ مِـنْـكَ رَبَّـانـي
وَوالِـــــــدَيَّ وَكُـــــــلَّ الــمـؤمـنـيـنَ ألا … فَـاغْـفِرْ لَـهُمْ يـا عـظيمَ الأَمْـرِ والـشَّانِ
وانْـصُـرْ عِـبادَكَ يَـا مَـوْلايَ مَـا رَشَـدُوا … واخْـذُلْ عَدُوًّا جَرَى في رَكْبِ شَيْطانِ
هَـــذا دُعــائِـيَ يَـــا رَبِّـــي وَمَـسْـأَلَـتي … فَـمَـنْ سِــوَاكَ يُـلَـبِّي دَعْــوَةَ الـعَـاني؟!
من ديوان ( إشراقات )